فى ليله هادئة انوارها خافتة ونجومها لامعة و نسيمها عليل
وكنت قد اعتدت ان اقف فى شرفة منزلى مساء كل يوم بنفس يائسة ومشاعر ساكنة
كعادتى .
وقفت فى هذه الليلةالتى انتابتنى فيها احاسيس لم اشعر بها من قبل ونظرت الى
السماء كعادتى ولكنى رأيتها وقد ارتسمت عليها علامات البشر والبهجة ..تعجبت
فنظرت اليها ثانية فرأيتها تفوح بألوان الجمال والروعة..
اندهشت كثيرا فقد اعتدت ان أراهامظلمة كئيبة تبعث الى نفسى الحزن والضيق..
ولكنى لم أبالى بهذا المشهد وخفضت عينى لأرى القليل من الناس يترجلون فى
طريقهم الى بيوتهم فقد كان الوقت متاخر
لفت انتباهى مشهدهم فقد اعتدت ان ارى وجوههم عبوسة عليهادلائل التعب والمشقة
بعد عناء يوم طويل
ولكن المشهد قد تغير تماما فى هذه الليلة فرأيت وجوههم منيرة ببسمات رقيقة
تنم عن السعادة والرضا وراحة البال وجدتهم فى نشاط وحيوية وكانهم فى بداية
يومهم.
اندهشت كثيييرا وقلت فى نفسى : ما الذى جرى بهذه الليلة اراها تختلف عن
مثيلاتها..؟؟
ولكنى لم أبالى ايضا.. وظللت انظر الى السماء وروعتها والناس وبهجتهم.
وفجأة .. سرت فى جسدى رجفة وتذكرته فأحسست روحا تسكن بداخلى ونبضات قلبى
متسارعة تهفو الى فارسى وعقلى متشتت التفكير فى جماله ونفسى تشتاق الى سحر
عيونه..
احسست موت اليأس ومولد الأمل ، شعرت بوئد الألم وميلاد الفرح
وجدت بداخلى نفس جميلة تفوح بأرق المشاعر وأصدق الاحاسيس وعندها تذكرت مشهدى
للسماء..
ملكنى احساس بالسعادة التى لا اعرف مصدرهاو تبدل تشاؤمى بتفاؤل وعندها تذكرت
مشهدى للمترجلون من الناس ..
صمت قليلا وذهبت بعقلى كثيرا لأتأكد من حقيقة كان محلها الريب منى قبل ذلك
ولكنى ايقنت ان ما بداخلى قد انطبع على عالمى فرأيت الدنيافى اجمل
حالاتهاتزهو بروعتهاالتى لم استطع رؤيتها من قبل لأنه لم يكن بداخلى غير الألم
والحزن الذى كان قد لون عالمى ليرينى الدنيا فى اقبح حالاتها..
وعلمت ان جمال السماء مصدره جمال فى قلبى لون عينى فجعلنى أرى كل شىء جميل
وعلمت ان سعادة الناس التى لمستها كان مصدرها الأمل والتفاؤل الذى ملأنى
حينها أدركت ان حبه قد ملكنى وقلبه قد قادنى الى عالم غير عالمى.. الى عالم
به السماء منيرة والوجوه مستبشرة والقلوب املة والمشاعر متاججة..
وكانت هذه الليلة ليلة ميلاد قلبى فأنا مدينة لك بحياتى فقد علمتنى كيف
احياعلمتنى حب الحياة وعشقها ما دمت انت تنيرها....