بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوه والاخوات الاعزاء
مارأيكم فى هذه الصرخه
هل قمت يوما بزيارتهم ام تركتهم يعانون فى ضعفهم
انها صرخه ستجعل من كان له قلب حتما سيبكى
وماهى الحلول؟؟؟؟
اتركم الان مع
أمهات منسيّات .. في حاجة لِلَمْسَة حب
منذ البدء جُبلت الأنثى وهي تحمل في جسدها تعب التكوين، وفي صدرها الحب والحنان، وفي عينيها سهر الليالي، وفي أيامها قلق الحب، جُبلت على أن تكون أمًا ....
فالأم حكاية بلا نهاية، وعطاء بلا حدود، وحب فطري يسكن قلبها على وليدها ... فيها كُتبت الأشعار والقصائد، والشاعر محمود درويش في إحدى روائعه يحن إلى صدر أمه، وإلى خبز أمه، ولا شك أن كل مخلوق على الأرض يكابده الحنين نفسه...."إن أجمل وردة في الكون هي ابتسامة على وجه أمي، وأحن وسادة أضع عليها رأسي هي صدرها الدافئ الحميم ..."إنها مقولة تعبر عن مكانة الأم العظيمة في القلوب، تلك المرأة التي علّمت الكثير، وأعطت بلا حدود، ودون انتظار شيء من أبنائها، إنهن جيل الأمس، أمهاتنا اللواتي طالما سهرن لأجلنا ... ونتيجة لجملة التغيرات التي طرأت على الأسرة العربية نجد أن هناك إهمالاً يجسده العقوق من بعض الأبناء لأمهاتهم.. والواقع يقول إن هناك مسنين ومسنات نسيهم أبناؤهم في مراكز تتولى رعايتهم .. حكايات حزينة ..ودموع تنهمر ...ومآقي أتعبتها السنون فهذه حكاية ابن أتى لإيداع والدته لفترة وجيزة داخل أحد مراكز المسنين، ولكنه تركها وكأنه يحمل هماً ثقيلاً، وعندما بدأت الأم تسأل عن ابنها بدأت الإدارة تتصل به، وترجوه زيارة والدته المسنة دون جدوى، وفي كل مرة كان الابن يتهرب من الزيارة إلى أن قامت إدارة المركز باستدعائه جبرياً ....
آهات الأمهات المسنات حارقة، فهذه أم تركها أبناؤها في دار للمسنين بالقاهرة، تعترف بأن الأبناء يرسلون لها النقود التي تنفقها في الدار، ولكنها ترى أن الأهم من ذلك هي حاجتها لحسن التعامل والدعم العاطفي ... تقول: اخترت بإرادتي أن أقيم في دار المسنين بعد وفاة زوجي وانشغال أبنائي، وما أغضبني هو ترحيب أبنائي بهذا الاقتراح ولم يعرض أي منهم أن أقيم معه في منزله، أدركت وقتها أن الإنسان ثقيل للغاية حتى وإن كانت الأم... وفي الدار وجدت زميلات يؤنسن وحدتي، ولكنني أظل أترقب الباب طويلاً لعل أحداً من أبنائي يأتي لزيارتي...
حكاية أخرى لأم أتى بها أبناؤها لإيداعها أحد مراكز المسنين لعدم تفرغ أحد لرعايتها... نسي الأبناء حق أمهم عليهم، زادت مشاغلهم إلى درجة لم يتذكروها حتى في الأعياد أو المناسبات.. والأم صامتة تتألم لحال أبنائها في صمت مطبق.. شكواها دموع تنهمر فقط....
فاطمة الريس أم لثلاثة أبناء جاوزت الخامسة والسبعين من العمر تقول: إن العصر الحالي ينطبق عليه "قلبي على ولدي أنفطر وقلب ولدي على حجر". فمفاهيم الأمومة والبنوة اختلفت تماماً عن الماضي حين كانت الأم كبيرة السن تحظى باهتمام ورعاية فائقتين من قبل أبنائها، أما العصر الحالي فبات الجحود هو السمة البارزة فيه من قبل الأبناء، وعن تجربتها الشخصية مع أبنائها تقول: إن الأبناء -والحمد لله- فيهم البار بي الذي يرعاني في مرضي ويهتم بي، وفيه من لا يسأل عني سوى مرة في العام. أدرك أنه مشغول، ولكنه يبدو أنه نسي أن له أماً!! أعترف أنني أحزن كثيراً لجفائه لي وجحوده، على الرغم من أنه ابني الأكبر، وعلى الرغم من ذلك أدعو له، ولا أملك أبداً أن أغضب عليه خوفاً عليه من عقاب الله تعالى ....
أما السيدة وداد عبد الغفار أم لشاب وفتاة، فقد جاوزت السبعين من العمر، وترى أن جحود الأبناء ونسيانهم لأمهاتهم هو قمة الأوضاع السلبية التي آلت أليها الأسر العربية في عصرنا الحالي، مؤكدة على أن الأبناء عليهم أن يدركوا تماماً أن الأم المسنة لها احتياجات، وخاصة بعد وفاة الزوج، حين تجد الأم نفسها وحيدة ومنعزلة في ظل انشغال الأبناء، مما ينعكس عليها سلباً نفسياً وهذا غير مطلوب، بل من الضروري مراعاة الاحتياج النفسي المضاعف الذي تحتاج إليه الأم في هذا العمر، فالأم لا تنتظر شيئاً من أولادها، ولكنها في هذا العمر الحرج تكون بحاجة إلى مجرد الدعم النفسي، فموقف بسيط من الممكن أن يسعدها، وموقف آخر من الممكن أن يدمرها نفسياً ويشعرها أنها عبء........
وفي السياق ذاته ترى السيدة نجوى العشماوي (أم لأربعة أبناء وقد جاوزت السبعين بقليل) ترى أن الأبناء منذ الصغر عندما يرون كيف يتعامل آباؤهم مع الأجداد فإنهم يتعلمون فيما بعد كيف يعاملون آباءهم. فكم من أب عاق لوالديه عقه أبناؤه فيما بعد، وللأسف كثيرون لا يدركون أن الدنيا "كما تدين تُدان" وتتذكر السيدة نجوى حال إحدى السيدات اللاتي حرصت على تربية أبنائها وسهرت عليهم وآثرت عدم الزواج من أجلهم، وفي النهاية هجرها الأبناء، وجحدوها إلى أن ماتت وحيدة في المنزل ...
وعن أبنائها فتقول: الحمد لله أبنائي بارّون بي، ولا يتركونني وحدي على الإطلاق، وفي تصوري أن هذا والحمد لله يرجع إلى التربية الدينية التي حرصت على غرسها فيهم منذ الصغر....
بر الوالدين
يرى فضيلة الشيخ محمود عاشور-الوكيل السابق بالأزهر- أن الإسلام دين التكافل الاجتماعي على أكمل وجه... والأسرة في الإسلام وحدة متكافلة، وقد عمل الإسلام على دعمها لتكون قوة متماسكة، ولقد اهتم القرآن الكريم ببيان أحكام الأسرة، وفي حث الدين الإسلامي الحنيف علي بر الوالدين، ترغيباً في صلة الرحم، فقد حرم الإسلام عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم. فعن عبد الله بن عمر بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس. فالدين الحنيف عمل على تعزيز التضامن الأسري بطريقة مباشرة، والإسلام ليس عقيدة فحسب ولكنه نظام اجتماعي ينظر إلى المجتمع ككل، بحيث نجد أن الأسرة المسلمة مازالت متمسكة برعاية الأبناء والآباء والأجداد المسنين. ومن دلائل ذلك قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ). [سورة النساء: من الآية 36] وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً). [سورة العنكبوت: من الآية 8]. ومن ذلك كله نرى أن الإسلام حث على بر الوالدين والأقرباء، ولم يقتصر على ذلك بل حث على بر أصدقاء الوالدين، أي شمل البر جميع المحيطين من المسنين، كذلك فإن الإسلام ينظر إلى من لا يرعى حق الكبار على أنه ليس جديراً أن ينتسب إلى مجتمع المسلمين، وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا"؛ فكبار السن بحاجة دائمة إلى الإيناس وإدخال السرور إليهم، والإسلام يرعى هذا الجانب، ويجعل من أفضل القربات عند الله تعالى إدخال السرور على قلوب الآخرين؛ فرعاية المسن أو العاجز تجب شرعاً على القريب لقريبه...
دور الأسرة
الدكتورة سامية حسن أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس بالقاهرة تعرّف المسن عموماً من جملة تعريفات متعددة على أنه الشخص الذي تتجه قوته وحيويته إلى الانخفاض مع ازدياد تعرّضه للإصابة بالأمراض، وخاصة أمراض الشيخوخة، وهو الذي يتزايد شعوره بالتعب والإجهاد عند الحركة، وتقل قدرته على الإنتاج، ويتوقف عن العمل.
وتضيف د.حسن: إن المسنين ليسوا فئة من الناس يُحدّدون بعمر زمني، ولكنهم أناس وصلوا إلى مرحله الشيخوخة، والعجز المصاحب لها بأن يحرمهم من حق العطاء إذا ما أرادوا، وعن دور الأسرة في رعاية المسن تقول د.سامية حسن: إن الدين الإسلامي حث على رعاية كبار السن، وهي تعاليم مرعية، وليست منسية في كل الوطن العربي ...وإذا كنا بصدد الحديث عن الأم المسنة فعلينا أن نعي أن الأم المسنة بحاجه إلى ضرورة إيجاد أساليب لرعاية وتأهيل من خلال الرعاية الأسرية لها نفسياً واجتماعياً وصحياً لإتاحة الفرصة للأم والأب المسن بالاندماج في الحياة الاجتماعية بقدر ما تسمح الظروف والإمكانات ....
مرحلة الشيخوخة
هناك العديد من الأبعاد النفسية التي تؤثر على المسن سلباً أو إيجاباً الدكتور هشام عبد الله اختصاصي الطب النفسي يرى أن مرحلة الشيخوخة يشهد خلالها الإنسان تغيرات متعددة قد تؤثر على الحياة النفسية والاجتماعية للأم المسنة خاصة، وقد نجد أن القصور البدني أو تدهور بعض الوظائف الحيوية للأم المسنة، وهو أمر لا مفر منه، قد يفضي إلى اضطرابات نفسية وانفعالية أعمق، إذا لم تجد المسنة الإحاطة الوجدانية والحميمة الكافية التي تشعرها بالأمان .. فالأم المسنة في هذه المرحلة تكون في أمس الحاجة إلى التوافق النفسي والاجتماعي، والتوافق هو تواجد الأم في علاقة توازن وانسجام مع الذات، ومع المحيط .. مما يستوجب ضرورة توفر عوامل ذاتية وموضوعية لتحقيق هذه الغاية ... ومن الضروري أن نعي حساسية الأم المسنة خلال هذه الفترة، وهي تمثل ظاهرة عادية، لذا يجب على الأسرة أن تحقق للأم المسنة التفاعل الاجتماعي، والدعم العاطفي، فالحاجات المادية وحدها لا تكفي، ولكن الأهم هو حسن التفاعل مع هذه الفئة، خاصة في ظل العديد من المتغيرات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا العربية؛ إذ أصبحت الأم المسنة لها نفسية هشة للغاية من أبسط المواقف، لذا فإنها تكون بحاجة إلى رعاية نفسية مضاعفة خوفاً عليها من الإحساس المعنوي القاتل لها........